الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا. لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا}
والسكينة حين ينزلها الله في قلب، تكون طمأنينة وراحة، ويقينا وثقة، ووقارا وثباتا، واستسلاما ورضى، ولقد كانت قلوب المؤمنين في هذا الوقت تجيش بمشاعر شتى. كان فيها الانتظار والتطلع إلى تصديق رؤيا رسول الله بدخول المسجد الحرام؛ ثم مواجهة موقف قريش وقبول الرسول للرجوع عن البيت في هذا العام، بعد الإحرام، وبعد إشعار الهدي وتقليده. كان هذا أمرا شاقا على نفوسهم ما في ذلك ريب.. وكان المؤمنون ضيقي الصدور بشروط قريش الأخرى..
وكانت حميتهم لدينهم وحماستهم للقاء المشركين بالغة، يبدو هذا في بيعتهم الإجماعية؛ ثم انتهى الأمر إلى المصالحة والمهادنة والرجوع. فلم يكن هينا على نفوسهم أن تنتهي الأمور إلى ما انتهت اليه. يبدو هذا في تباطؤهم في النحر والحلق، حتى قالها رسول الله ثلاثا.. ولم ينحروا ويحلقوا أو يقصروا إلا حين رأو رسول الله يفعل هذا بنفسه.
وحين يسترجع الإنسان هذه الصور يدرك معنى قوله تعالى {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين} ويحس برد السكينة وسلامها في تلك القلوب. ولما كان الله يعلم من قلوب المؤمنين يومئذ، أن ما جاش فيها جاش عن الإيمان، والحمية الإيمانية لا لأنفسهم، ولا لجاهلية فيهم فقد تفضل عليهم بهذه السكينة {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} ومن ثم يلوح بأن النصر والغلب لم يكن عسيرا ولا بعيدا، بل كان هينا يسيرا على الله لو اقتضت حكمته يومئذ أن يكون الأمر كما أراده المؤمنون، فإن لله جنودا لا تحصى ولا تغلب، تدرك النصر وتحقق الغلب وقتما يشاء {ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما} فهي حكمته وهو علمه، تسير الأمور وفقهما كما يريد.
المزيد |